إسراء إمام تكتب عن فيلم عشم: سينما الفرحة
اطبع الموضوع

يمكنك أن تصنع فيلما جيدا.. فيلما يثير دموعك أو ينتزع ضحكاتك، وإنما متفرد الفيلم الذى يدغدغ حواسك ويُلهمك ابتسامة قد لا ترتسم على شفتيك بل على قلبك وهى ذاتها التى تعتصره من حين لآخر برفق ومن دون أن تتألم وبغير مدعاه للصراخ أو المغالاة فى التناول، فيلم يبعث على نوع متفرد من الفرحة فى داخلك فلا يحتفظ بك فى قالب معين وأنت تشاهده وانما يُبقيك حُر طليق لك أنت تشعر بما تشاء كلا بغير تطرف وهذا هو بيت القصيد .
"عشم" من الأفلام النادرة التى تنتمى إلى تلك الحالة الغرائبية، التى تستعير من السينما المستقلة جرأتها وإقدام موضوعاتها ورؤاها المختلفة ومعها تبقى حريصة على نكهة الشغف الذى يتمسك بيد المُشاهد ويدخل به إلى دنا لها خصوصيتها لابد أن تحترم حواسه وتُمتعها ومن قبلها عقله، والشغف هنا فى فيلم عشم غير اعتيادى قد تتعثر به فى جملة من الحوار أو تفصيلة شخصية أو حتى ما لا ترتئيه بعينيك وما لا يقع صداه على أذنك، والنقطة الأخيرة على وجه الخصوص يطول فيها الحديث لأن "عشم" لم يهتم بتقديم الحدث فى حُلته العادية ومفصلاته المتوقعة من مبتدأ ومنتصف ونهاية ومثلما فرغ عدد من الأفلام قبل "عشم" من مسألة النهاية ومن مسألة الترتيب نفسها، خرج "عشم " هو الآخر عن المألوف وارتضى بأن يُقدم أنصاف واقعة وربع موقف وخلف البقية الباقية لك ولشهية خيالك وذائقتك فى السعى لإكمال الصورة..أو لتجاوزها ومحاولة تفصيل ما رأيته بتلقى مختلف ومكثف ..
فى "عشم" الشخصيات تُشبهنا، تفكر بفعوية وتتحدث بتلقائية كل شخصية منها يحاوطها يأس مُدقع ولكنها تبقى فى قرارة نفسها متشبسة بالعشم "الأمل" الذى قد يتجسد فى شخص بعينه فى حياتها، مثلا "نادين-أمينة خليل" تستمد قوة هائلة من "عادل_محمد خان" جارها المتفائل المبتسم الذى يبعث علينا نحن المتفرجين قدر كبير من الطاقة الإيجابية على الرغم من ظروف حياته التى إن تمهلت وتأملتها ستتيقن من كونه يحمل الكثير بداخله من الإحباط، ولكن فى حال تركيبة الرجل المميزة وثِقل ما ينغلق عليه صدره تكمن كل هذه الطاقة والحيوية التى يبثها إلينا رغم ظهوره القليل، و"داليا- سلمى سالم" رغم فقدانها تحت وطأة الظروف لعلاقة كانت قوية مع خطيبها الذى اختار السفر كحل لجميع مشكلاته تجد قدر من العزاء مع طفلة صغيره والدها أيضا آثر الغُربة والبعد عنها، والجميل أن أن أداء الطفلة لا يُشعرك لوهلة بأنها أمام كاميرا وهو الشىء الذى يُحسب للفيلم أيضا فإطلالة البنت بهذه الصورة لم يُفقدها سجيتها التى نثرت على الشاشة الإحساس المفترض بالضبط أن يصلك وبالتالى حضورها كان يُغيم هموم داليا ويأخذ بيدها إلى البراح،"وفريدة_مروة ثروت" فأملها كان نفسها فهى من الشخصيات التى تؤمن بذاتها ولا تسمح للآخرين بإقتحام منطقتها الخاصة التى تكسبها القوة ولهذا فإن علاقتها مع شريف كانت على المحك من البداية وحتى عندما انتهت ظلت فريدة هى الأمل لحالها، وقد اختزل صديق شريف توصيف فريدة فى جملة هايلة عندما قابلها مصادفة وعاد ليُخبره "زى ماهى ماتغيرتش خالص"، أما "نادية" فعشمها كان زوجها الذى داهمه احتمال المرض مما دعاها لإفتقاده وقت فى خيالها المشوش المرتعب وعندما زال الخطر الذى كان يهدد حياته بات هو أملها الذى أكسبها قدر جديد من بهجة الحياة وحدوتة نادية بالذات أيقونة يشى بها الفيلم لنا بأن ( الفرحة قرار) ، وهكذا مع باقى الشخصيات ..
الحوار المرتجل ليس من السهولة أن يكون على هذا القدر من الإنسانية، بحيث يجمع بين طبيعية الإرتجالية ويضيف رونق لحالة الفيلم ويصبغه بحقيقية شخصياته، وهذا دليل على المجهود المهول الذى غلف هذه الديالوجات حتى وإن كان يغلب عليها الطابع الإرتجالى الذى يحسبه البعض هيّن، فأحيانا الإرتجالية تأتى نتيجتها بالعكس مُنتقصة من حالة الفيلم بأكملها ولكن "ماجى مرجان" المخرجة لم تسمح لذلك أن يحدث بل استفادت من نفعياته لأقصى درجة ممكنة ..
على قدر استمتاعك بفيلم عشم أثتاء مشاهدته إلا أنك ستكتشف بعد مرور أيام أنك اسقطت عدد ليس هين من تفاصيله فى ذاكرتك، فهو من الأفلام التى تمنحك المتعة كاملة لوقت ولكنها لا تبقى مطولا فى داخلك ليسعك ذكرها من وقت لآخر إلا وأن عاودت الكرّة فى مشاهدتها، وفى اعتقادى يرجع هذا قدر من اللهاث سيطر على الفيلم مُتجنيا فى مضمونه وحبكته على الصورة فلم يمنحك وقتا كافيا لأن تتأنى فى تأمل دنيا الفيلم ببصريتك وبالتالى التأثير لم يدم غير محتفظا بمكان ثابت فى ذاكرتك .
آخر كلمتين:
_ جميلة كانت اللفتة التى اصرت فيها"ماجى مرجان" المخرجة على عدم ظهور والد داليا فى اللقطة التى كان يشرح له خطيبها انهم اتفقا على عدم الزواج، بل احتلت صورة داليا وهى تتمسك بالدبلة بين أصابعها خلف كلام خطيبها لوالدها وكأن الأمر يخصهم وحدهم فلا حاجة لوجود آخرين فى الصورة.
_ حوارات نادية وعماد زوجها على وجه الخصوص هى الأكثر بروزا وتلقائية وخفة دم فى الفيلم، هذا إلى جانب تميز الطريقة البسيطة التى دعت بيها نادية الله فى الكنيسة .
_ رضا وأم عطية من أسباب الفرحة فى هذا الفيلم، وهم الأكثر بقاء فى ذاكرتك بعد المشاهدة لوقت أطول.
"عشم" من الأفلام النادرة التى تنتمى إلى تلك الحالة الغرائبية، التى تستعير من السينما المستقلة جرأتها وإقدام موضوعاتها ورؤاها المختلفة ومعها تبقى حريصة على نكهة الشغف الذى يتمسك بيد المُشاهد ويدخل به إلى دنا لها خصوصيتها لابد أن تحترم حواسه وتُمتعها ومن قبلها عقله، والشغف هنا فى فيلم عشم غير اعتيادى قد تتعثر به فى جملة من الحوار أو تفصيلة شخصية أو حتى ما لا ترتئيه بعينيك وما لا يقع صداه على أذنك، والنقطة الأخيرة على وجه الخصوص يطول فيها الحديث لأن "عشم" لم يهتم بتقديم الحدث فى حُلته العادية ومفصلاته المتوقعة من مبتدأ ومنتصف ونهاية ومثلما فرغ عدد من الأفلام قبل "عشم" من مسألة النهاية ومن مسألة الترتيب نفسها، خرج "عشم " هو الآخر عن المألوف وارتضى بأن يُقدم أنصاف واقعة وربع موقف وخلف البقية الباقية لك ولشهية خيالك وذائقتك فى السعى لإكمال الصورة..أو لتجاوزها ومحاولة تفصيل ما رأيته بتلقى مختلف ومكثف ..
فى "عشم" الشخصيات تُشبهنا، تفكر بفعوية وتتحدث بتلقائية كل شخصية منها يحاوطها يأس مُدقع ولكنها تبقى فى قرارة نفسها متشبسة بالعشم "الأمل" الذى قد يتجسد فى شخص بعينه فى حياتها، مثلا "نادين-أمينة خليل" تستمد قوة هائلة من "عادل_محمد خان" جارها المتفائل المبتسم الذى يبعث علينا نحن المتفرجين قدر كبير من الطاقة الإيجابية على الرغم من ظروف حياته التى إن تمهلت وتأملتها ستتيقن من كونه يحمل الكثير بداخله من الإحباط، ولكن فى حال تركيبة الرجل المميزة وثِقل ما ينغلق عليه صدره تكمن كل هذه الطاقة والحيوية التى يبثها إلينا رغم ظهوره القليل، و"داليا- سلمى سالم" رغم فقدانها تحت وطأة الظروف لعلاقة كانت قوية مع خطيبها الذى اختار السفر كحل لجميع مشكلاته تجد قدر من العزاء مع طفلة صغيره والدها أيضا آثر الغُربة والبعد عنها، والجميل أن أن أداء الطفلة لا يُشعرك لوهلة بأنها أمام كاميرا وهو الشىء الذى يُحسب للفيلم أيضا فإطلالة البنت بهذه الصورة لم يُفقدها سجيتها التى نثرت على الشاشة الإحساس المفترض بالضبط أن يصلك وبالتالى حضورها كان يُغيم هموم داليا ويأخذ بيدها إلى البراح،"وفريدة_مروة ثروت" فأملها كان نفسها فهى من الشخصيات التى تؤمن بذاتها ولا تسمح للآخرين بإقتحام منطقتها الخاصة التى تكسبها القوة ولهذا فإن علاقتها مع شريف كانت على المحك من البداية وحتى عندما انتهت ظلت فريدة هى الأمل لحالها، وقد اختزل صديق شريف توصيف فريدة فى جملة هايلة عندما قابلها مصادفة وعاد ليُخبره "زى ماهى ماتغيرتش خالص"، أما "نادية" فعشمها كان زوجها الذى داهمه احتمال المرض مما دعاها لإفتقاده وقت فى خيالها المشوش المرتعب وعندما زال الخطر الذى كان يهدد حياته بات هو أملها الذى أكسبها قدر جديد من بهجة الحياة وحدوتة نادية بالذات أيقونة يشى بها الفيلم لنا بأن ( الفرحة قرار) ، وهكذا مع باقى الشخصيات ..
الحوار المرتجل ليس من السهولة أن يكون على هذا القدر من الإنسانية، بحيث يجمع بين طبيعية الإرتجالية ويضيف رونق لحالة الفيلم ويصبغه بحقيقية شخصياته، وهذا دليل على المجهود المهول الذى غلف هذه الديالوجات حتى وإن كان يغلب عليها الطابع الإرتجالى الذى يحسبه البعض هيّن، فأحيانا الإرتجالية تأتى نتيجتها بالعكس مُنتقصة من حالة الفيلم بأكملها ولكن "ماجى مرجان" المخرجة لم تسمح لذلك أن يحدث بل استفادت من نفعياته لأقصى درجة ممكنة ..
على قدر استمتاعك بفيلم عشم أثتاء مشاهدته إلا أنك ستكتشف بعد مرور أيام أنك اسقطت عدد ليس هين من تفاصيله فى ذاكرتك، فهو من الأفلام التى تمنحك المتعة كاملة لوقت ولكنها لا تبقى مطولا فى داخلك ليسعك ذكرها من وقت لآخر إلا وأن عاودت الكرّة فى مشاهدتها، وفى اعتقادى يرجع هذا قدر من اللهاث سيطر على الفيلم مُتجنيا فى مضمونه وحبكته على الصورة فلم يمنحك وقتا كافيا لأن تتأنى فى تأمل دنيا الفيلم ببصريتك وبالتالى التأثير لم يدم غير محتفظا بمكان ثابت فى ذاكرتك .
آخر كلمتين:
_ جميلة كانت اللفتة التى اصرت فيها"ماجى مرجان" المخرجة على عدم ظهور والد داليا فى اللقطة التى كان يشرح له خطيبها انهم اتفقا على عدم الزواج، بل احتلت صورة داليا وهى تتمسك بالدبلة بين أصابعها خلف كلام خطيبها لوالدها وكأن الأمر يخصهم وحدهم فلا حاجة لوجود آخرين فى الصورة.
_ حوارات نادية وعماد زوجها على وجه الخصوص هى الأكثر بروزا وتلقائية وخفة دم فى الفيلم، هذا إلى جانب تميز الطريقة البسيطة التى دعت بيها نادية الله فى الكنيسة .
_ رضا وأم عطية من أسباب الفرحة فى هذا الفيلم، وهم الأكثر بقاء فى ذاكرتك بعد المشاهدة لوقت أطول.
تعليقات
إرسال تعليق