_نُشِر فى مجلة أبيض وإسود_
فى أحد قصصه القصيرة، يحكى كافكا عن مأساة قرد تحوّل لإنسان، أوتى من
غابته غصبا ومن ثم اُلقى فى عالم البشر، فبقى مرتعبا، مرتبكا، رافضا، زاهدا. وبعد
فترة ما بدا مراقبا، يقظا، نهما للمعرفة. وبين كينونته الأولى، والأخيرة، اعتاش محتفظا
بنفسه مع نفسه، متكتما على ذاته. إلى أن جاءت لحظة ما، يتصرف فيها القرد وكأنه
واحدا من البشر، تنصل من كونه قردا، وفى الوقت ذاته لم يعترف بأنه إنسان، فيُفسر
ما فعل قائلا " لم يكن لدى دافع لتقليد البشر، قلدتهم لأنى كنت أبحث عن مخرج،
وليس لسبب آخر، وإنما تحقيق المكاسب لم يعنى لى الكثير".
فى فيلم الأخوين كوين the man who wasn’t there يُخبرنا إد كرين راوى
الفيلم وبطله، بمهنته كحلاق، ويتمادى أيضا فى أن يعبر لنا عن مدى رفضه لكونه مجرد
حلاقا، على الرغم من أنه مازال يعمل حلاقا. وبعد فترة ليست هينة من حياته فجأة
يقرر كرين أن يتمرد على كونه حلاقا، ويبذل خطوات جدية فى سبيل التربح من مهنة
أخرى. وما أن يفعل تلك الفعلة، حتى يختل كل شىء من حوله، وكأن نظرية جناح الفراشة
العلمية الشهيرة تتحقق على مستوى إنسانى واسع. إد كرين فى الحقيقة لم يكن يشأ التمرد
على كونه حلاقا، ولكنه أراد التمرد على كونه لم يتمرد من قبل أبدا. فهو بنى آدم
خاص، صامتا معظم الوقت، لا يتحدث إلا للضرورة، لم يفكر فى التخلى عن زوجته بالرغم
من أنه على علم بخيانتها، وبالرغم من ميله للهدوء لم يحاول يوما ما أن يوقف شريكه
الثرثار، صاحب محل الحلاقة الذى يعمل به، ولم يفعلها أيضا حينما اضطرته الظروف لإستخدام
مساعدا بديلا، ظنه معافي من هذا الداء، ولكن حينما خاب ظنه، بدا متمهلا، صابرا، لا
يتخذ أى إجراء، ولا يتفوه حتى بكلمة إعتراض. إد كرين، رجلا مختلفا، وقراره لم يكن
إلا ثورة على هذا الإختلاف. قرر وقتها أن يُقلد من حوله فى صراعاتهم، قرر أن يبحث
عن صراعه الخاص، الذى عاش لفترة طويلة لا يأبه لأن يملك مثله، فهو الرجل الذى يبقى
منصتا، مهذبا مع أحد المعلنين المتطفليين، الذين يمكنهم المثابرة لساعات متحدثين
لتسويق أحد منتجاتهم.
آل كوين هنا يصنعون بطريقتهم فيلما عن لعنة
المعرفة، فأن تكون إنسانا مختلفا شىء، وأن تعرف أنك كذلك بالفعل شىء آخر. وإد كرين
قد عرف كونه مختلفا، ولم يكف عند حد المعرفة، بل سعى لأن يُغير قدره، فعبثت لعنته
دون قصد بأقدار جميع من حوله. إنها فلسفة الكوين العويصة، والتى تتطلب كثير من الإجهاد
فى قرائتها، والإجتهاد فى تأويلها تأويلا مقارِبا، يليق بما ورائها من مدلولات،
وفى السطور القادمة محاولة بسيطة، لتفكيك أساسات تلك التعبيرية السينمائية العظيمة
التى بنى عليها آل كوين حبكتهم عن هذا الرجل كرين، الرجل الذى فى الأصل لم يكن
موجودا.
إد كرين
يقول إد فى أحد المشاهد، بينما كان يراقب
الناس " كانوا هناك، يزاولون أعمالهم بمنتهى العادية، شعرت أننى أعرف سرا هم
لا يعرفوه، بدوت كما لو أننى فى منزلة أعلى منهم، بينما هم لايزالون على كفاحهم فى
الأسفل".
يؤكد إد هنا على تميزه عن الباقين، صمته الذى
يأوى إليه ليفكر أكثر مما يتحدث، يتأمل بدلا من أن يهدر طاقاته فى تركيب الكلمات
والجمل. يحدق الشعيرات القصيرة التى يقتصها من رأس زبائنه، ويخبر شريكه "كيف
يتثنى لنا أن تقتطع شعرنا، وهو جزءا منا، ثم نلقيه أرضا بلا مبالاة"، وتبلغ
به الأزمة حدها وقتما توزعه نفسه بأن يكف عن التخلص من شعر الناس بوضعه فى
القمامة، بل يتوجب عليه أن يدفنه فى التراب.
يبدأ الفيلم وإد ينبذ إختلافه، وفى الوقت
ذاته يسير عكس رغبته فى نبذ إختلافه. حينما استعصى على معرفته، ساقه قدره إلى
معرفة أكثر مكاشفة، وأثقل وطأة. انهالت فوق رأسه مفارقات عِدة، ساهمت فى النهاية
لأن يبقى وحيدا، مُقَرَبا من نفسه، بالشكل الذى يَحِسه على الإنفتاح عليها أكثر،
معرفتها أكثر، والقاعدة التى أكدها أكثر من فيلسوف شهير أن معرفتك لنفسك بالقدر
الكافى، تقربك أكثر من فهم الكون. لم ينكر الأخوان كوين هذه الحقيقة، وإنما أضافا
إليها شطرا آخر، مفاده "وكلما اقتربت من فهم الكون ومعرفته، أسقط عليك لعنته،
وأسرع فى محاولة التخلص منك".
شخصية كرين لم تكن سوى مَعبَر، استخدمه آل
كوين للتمهيد لهذه الفكرة الأشمل، والتى تُعتبر هَم السيناريو الرئيسى. وإلى جانب
إد كرين، اُستخدمت أدوات أخرى، متجسدة فى الشخصيات، مفارقات الحدث، وشىء من
الفانتازية أيضا.
المفارقات وعدالة السماء
ما إن يُقرر كرين أن يقدم على خطة جدية فى
العمل بغسيل الأموال، يلجأ إلى إستغلال خيانة زوجته له مع رب عملها الثرى، الحدوتة
التى يعلم عنها منذ أمد ولم يتذمر حيالها أبدا، ولكنه وقتها فقط رأى أنه يمكنه
التكسب من ورائها. يُرسل كرين إلى الرجل رسالة ابتزاز مُجهلة، تفيده بأن ثمة من
يعلم عن علاقته الغير مشروعه، ولابد من دفع عشرة آلاف دولار نقدا لتفادى الفضيحة.
ينصاع الرجل الثرى لمطلب الرسالة، وهو يظن أنه على علم بمن أرسلها، فسبق وأن جاءه
رجل أعمال يعرض عليه العمل بغسيل الأموال، بنفس المبلغ، ولابد أن يكون هو من رآه
مع السيدة، وقرر أن يبتزه. والحقيقة أن رجل الأعمال هذا هو ذاته من أغوى كرين
بشراكته، ومن هنا اجتهد كرين فى التحصل على الأموال بأى طريقة. وبعد نجاح الخطة،
سلم كرين الأموال لرجل الأعمال، ولكن من الحظ السيىء أن الرجل الثرى لم يهدأ له
بال، إلا بإيجاد رجل الأعمال وبعد ضربه حتى الموت، كان قد اعترف على اسم كرين.
تصادم فيما بعد كلا من كرين والرجل الثرى، فقتله كرين بغير قصد. واتُهُمِت زوجة
كرين، بجريمة القتل، لأن أوراقا ما فى العمل، أشارت إلى أنهما كانا يُلفقان حسابات
المتجر معا، إلى جانب كون الأداة التى قُتل بها أداة نثائية بحتة، مما يوحى بأنه
قد دب بينهما اختلاف ما دفعها لقتله. ينبرى كرين فى محاولة لتخليص زوجته من القضية،
وما إن يسعى لذلك، يتطوع شريكه بأن يساعده ماليا، فيُرهن محل الحلاقة، ويوضع كل
أمواله تحت قدم المحامى الذى يدافع عن زوجة كرين. فى الجلسة الأخيرة عند نطق
الحكم، تشنق زوجة كرين نفسها، ينهار صاحب محل الحلاقة ويلازم منزله، ويبقى كرين
وحيدا بشكل لا يطاق. وبعد وقت يُوهمك السيناريو فيه بأن كرين بصدد البحث عن بداية
جديدة يعيش بها حياته، يُعثَر على جثة رجل الأعمال، ويُتهم كرين بقتله، لأن أوراق
العقد الموقع بينهما كانت لا تزال تُصاحب الجسد الغارق فى بحيرة ما، مُعتدى عليه
حد الموت. يموت كرين هو الآخر فى النهاية، بعدما تشفل جميع محاولات انقاذه من
الإعدام.
عذرا، أطلت عليك عزيزى القارىء، ولكن السرد
بهذا الشكل المتعاقب لابد منه، لعلك لاحظت كيف تعنت القدر مع كرين، صمم أن يعزله
عن كافة ظروفه الماضية، يُوّحِده بكل معنى الكلمة، ويقوده إلى معرفة أكبر،
وبالتالى مصيرا مؤسفا مأساويا، يُنحيه من هذا العالم سريعا.
ولكن
المفارقات لم يقف مدلولها عند هذا الحد وكفى، ولذلك تطلب التفصيل فى السرد السابق.
فهى ببساطة تمثل يد الرب التى تتدخل لتُفسد الخطط المزعومة لكل الشخصيات. صحيح أن
لعنة كرين هى حجر الأساس فى تحريك المياه الراكدة، هى من رفت بجناح الفراشة ليختل
توازن كل شىء.
ولكن آل كوين أيضا واقعين فى غرام خلق المفارقات، فالمفارقات فى
سينيماهم هى أساس عدالة السماء التى يؤمنون بها، والتى سبق وأن برزت فى أوضح صورها
فى فيلمهم الكوميدى الجميل the ladykillers. زوجة كرين خانته مع
رب عملها، الإثنان ظنا أنهما سينجوا من العقاب، ولكن هذا لم يحدث. كرين قتل رب
العمل، وظن أنه آمن بعدما اتُهِمت زوجته بالجريمة، ولكنه يُعدم ويموت بعدها بأمد
إثر اتهامه بجريمة قتل لم يرتكبها. الله ينظر من أعلى، يضحك من البشرية وحيّلها،
كما يجعل الشعر ينمو بعد موت الآدمى لفترة. وهى الفكرة التى أثترت إهتمام كرين،
ودفعت به لأن يتساءل حولها طويلا. الله يرى جيدا، بينما البشر ينبهرون بكذبهم،
يحسبون أنهم يرون، ولكنهم فى الحقيقة حفنة من المكفوفين، كما قال الفيلسوف
الألمانى على لسان محامى دافع زوجة كرين " يرون أقل، لأنهم يغتروا بفكرة
إمعانهم النظر".
المعرفة والأطباق الفضائية الطائرة
فى مشهد مريب تزور زوجة القتيل الثرى منزل
كرين، تحكى له بنبرة مخيفة عن براءة زوجته، وعن اليوم الذى قابلت فيه هى وزوجها
مركبة فضائية، شاهدا من خلالها مخلوقات غريبة، اختطفت زوجها إلى السفينة، ومن ثم
أعادته. حكت عن تقريرا قد قدماه إلى الحكومة، التى رأت أن زوجها علِم بما فيه
الكفاية، ولابد أن يموت. أكدت له أنها تعتقد أن المعرفة هى من قتلت زوجها، ومضت.
مشهد بوهيمى، خارج تماما عن السياق، شرح فكرة
المعرفة بطريقة غير مباشرة، لا تمت بصِلة لحقيقة المسار الدرامى الواقعى. أسس
السيناريو فيه لترميز أيقونة المعرفة، وربطها بالطبق الفضائى الطائر، وبفكرة الموت
الذى لابد منه.
بعد فترة من خوض كرين رحلته الأعمق مع
المعرفة، يرى طبقا فضائيا فى أحد المجلات التى يطالعها بينما يجلس فى محل الحلاقة،
ومن ثم فى نهاية الفيلم، تظهر له المركبة بعينها ترمى عليه بمساحة من الضوء، ومن
ثم تلم نورها وترحل، وكأنها تنذره بمصير موته المحتوم. ها قد وصل كرين لنفس المصير
الذى سبق وتنبأت به هذه المرأة المريبة فى تلك الليلية، لكل من ينهل من قدر
المعرفة إلى حد اللعنة.
لمسات آل كوين على مستوى السيناريو
إنهم شخصيات الكوين، الشخصيات التى قد يكون
ظهورها طفيفا ولكن تفاصيلها سخية حاضرة، بداية من رجل الأعمال الشاذ، طريقة حديثه
اللاهثة الحماسية التى تناسب طبيعته الشهوانية تجاه المال والجنس، فهو يتحرش فى
وقت من الأوقات بكرين ويرغب فى إقامة علاقة معه. كذلك نرى والد الفتاة التى يعشق
كرين عزفها على البيانو، ويداوم على الذهاب إليها بعد سجن زوجته، فنجده رجلا مغيبا
دوما، شرابه فى يده طوال الوقت، ومن حين لآخر تأخذه غفوة نوم مداهمة وقوية. أيضا
محامى دفاع زوجة كرين، ذلك الرجل المغتر الأنيق، والأرستقراطى فى أكله ونومه، دون
الإكتفاء بقدرا معقولا من الإثنين، إلى جانب رؤاه القانونية السطحية، الخاوية
والملفقة، والتى تعتبر رغم ذلك الطريقة المثلى للتعامل مع عدالة البشر. وهذا
الشريك الطفولى الثرثار، الذى يكتفى بمحل الحلاقة الصغير، ويجد ذروة سعادته فى
عمله، وفى كلماته الكثيرة، التى تضايقك أحيانا ولكنها لا تنفرك منه رغم ذلك.
لمسة أخرى نراها فى خصوصية التعامل مع السرد،
فمثلا يقتطع السياق فى مشهد رواية كرين عن لقاءه الأول مع زوجته، حينما يرن جرس
الهاتف ليذهب بعدها كرين لمقابلة رب العمل الذى ابتزه ويتعاركا لينتهى إلى قتل
الأول للثانى، فيعود ليجلس بنفس الطريقة إلى جانب فراش زوجته ويُكمل سرده من نفس
الجملة التى اُقتطع عندها، وكأن شيئا لم يحدث. تكررت نفس التفصيلة تقريبا، وقت
حادثة كرين على الطريق بالسيارة، حيث يتم تجاهلها تماما، لصالح مشهدا آخر مقحما
يوضح طبيعة شخصيته وشكل علاقته بزوجته فى السابق. ومن ثم يعود السيناريو، للحادث
وعواقبه. إنها سينما الكوين، التى تطوع كل شيئا لأسلوبها المتفرد المتميز، وفِكرها
الخارج عن المألوف.
لمسات آل كوين على مستوى الصورة
ثمة مشاهد وقعها لم ينفصل أبدا عن الصورة
التى أعدها لها الكوين، مثل مشهد قتل كرين لبيج ديف، وهو من أقيم مشاهد الفيلم على
مستوى الصورة، بداية من دخول كرين لبهو المتجر المعتم فى مجمله، والذى يأهب
المتفرج لحادث مريب سيقع، حتى يبلغ الطابق الثانى ويجد بيج ديف جالسا على كرسيه فى
إضاءة شاحبة مُقبضة، وحينما يبدأ العراك بينهما، وينتشل بيج ديف كرين صادما إياه
بالمكتب، موجها له اللطمات، تنتقل اللقطة إلى أخرى أوسع، تقف فيها الكاميرا فى
نقطة بعيدة من الطابق الأول، لتبدو خيالات كرين وبيج ديف ضئيلة مظلمة، أحدهما
منبطحا، والآخر يضربه بوحشية، اللقطة حينها تبدو بانورامية ومرعبة بما فيه
الكفاية، ومن ثم تعود الصورة إلى حجم لقطاتها الأولى، ونجد بيج ديف وهو يقوم بخنق كرين
الذى يستند بظهره على الجدار الزجاجى، ومع زيادة الضغط على الجدار ينشرخ وتتفرع
خيوط كسره، مع تعالى صوت كرين وكأنه يفقد أنفاسه الأخيرة تحت قبضة بيج ديف، ثم
بحركة مباغتة يضرب كرين بيج ديف فى رقبته بأداة فتح السيجار، محدثا ثقبا مهولا
فيها، فينكفأ هذا الثور الضخم على وجهه، ويبدأ فى الترفيص والدماء تتبحر من تحته
إلى أن يموت. الصورة هنا جزءا من مهابة الشعور الذى يراود المشاهد بالحدث نفسه.
تماما كالمشهد الذى تأتى فيه زوجة بيج ديف،
لتنبأ فيه كرين عن لعنة المعرفة، فنراها تقف بقبعتها الشبكية الضخمة، رامية ظلها
على الحائط المجاور لكرين، معطية إنطباع وكأنها واحدة من تلك الكائنات الغريبة
التى تتحدث عنها. هذا إلى جانب صوت الرياح الموحش الذى يظهر فى شريط الصوت فى
بداية المشهد، ونظيره الذى تحدثه خطوات سير المرأة على العشب وهى مغادرة فى نهاية
المشهد.
تكنيك التقطيع المتناغم جدا، والمتماشى مع
الهزلية التى احتفظ بها الكوين فى السرد، على الرغم من جدية الموضوع. نراه فى
مشاهد الفتومونتاج، ومشهد تواجد كرين وزوجته فى الكنيسة فى بداية الفيلم.
أما عن الإضاءة فلها دورا مهما على مدار
الفيلم بأكمله، ولكن أكثر المشاهد التى كان لها مدلولها الرمزى بالإضاءة، ذلك الذى
كان المحامى يوضح فيه أساس خطبة دفاعه عن زوجة كرين، ويخبرهم بمقولة الفيلسوف
الألمانى " لن ترى شيئا كلما نظرت أكثر". فالنور حينها كان منسابا من
فتحة أعلى فوقهم، يفرش المكان ويضيئه بالكامل، فبدت الرؤية متماشية مع شعور
المحامى بأنه وصل لذروة البلاغة، وللُب الحقيقة أيضا.
آخر كلمتين
_بعدما خسر كرين زوجته، وتمكنت الوحدة من
حياته، حاول أن يجد طريقا آخر للبدء، من خلال إسقاطه لأحلامه على فتاة تهوى عزف
البيانو، يتطوع كرين لأن ينتقل بهوايتها إلى مستوى احترافى، ويذهب بها إلى أحد
معلمين الموسيقى. الذى يخبره بأسف أن الفتاة ليست موهوبة، وإنما تعزف فقط بشكل جيد
منزوع الروح. تارة أخرى يحاول كرين معاندة قدره، وتارة أخرى تسوقه تلك المعاندة
إلى معرفة أكبر، تُقوده أسرع إلى مصيره المحتوم. فالمعرفة قد سبق من قبلها وحكمت
عليه بالموت، ولكنها أرادته أن يموت وهو على يقين بأنه مثل فتاته التى رأى فيها
نفسه، رجلا بلا روح، رجلا لم يكن موجودا أبدا.
تعليقات
إرسال تعليق