نُشر فى جريدة القدس العربى
.......................................................
MARCH 31, 2014
.......................................................
‘أوضة الفيران’.. أزمة فيلم لم يرتق بقوة إلى الجودة
إسراء إمام
ثمّة أفلام يصعُب اختزال الانطباع عنها بكلمة واحدة. هي أفلام ضمّت في محتواها نسبة كافية من الرداءة التي نفت عنها التوصيف الإيجابي الخالص، وفي الوقت ذاته قدمت ما هو يستحق الإشادة، فتوقفت عند مستوى أعقد من أن يفي به وصف احادي جامد، يخلو من التروي، وينحاز لضعف الفيلم على حساب نقاط قوته التي ملكها بنفس القدر، وبنسبة تمكنه من أن يتخطى كونه بشكل عام فيلما سيئا لأنه لا يستحق هذه الكلمة القاسية، حتى وإن لم يكن جيدا بالقدر الكافي.
‘أوضة الفيران’ وهو الفيلم المصري الذي تم عرضه بمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، ينتمي إلى هذه الفئة من الأفلام، وخصوصا لأنه نتاج تجربة جماعية لـ 6 مخرجين، قدموا من خلاله قصصا انسانية مختلفة، إذا فنسبة التفاوت ممكنة، وهذا التفاوت في حد ذاته من أكبر الأخطاء التي أصبغت على الفيلم نبرة ارتباكية، ودفعت بنقاط ضعفه واضحة أمام المتفرج، حاجبة في الخلف نقاطا تُحسب لصالحه.
مستوى الحكايات
انقسمت قصص أبطال الفيلم إلى ثلاث قصص قوية لها أثرها ومعناها، جاءت تحمل من العمق، وتدعو إلى التفكير، والأهم أنها لا تقدم المعلومة سهلة طيّعة، وإنما عملت على تضمين السرد بعدا نفسيا متواريا، وهذه نقطة قوة لا يمكن أن لا تُحسب للفيلم، أو يتم التغاضي عنها لصالح نقيض ما حدث في القصص الثلاث الأخرى، من تناول مُبهم وسطحي .
فبالحديث عن القصص الثلاث الجيدة، والتي يتمثل أبسطها في القصة الأولى، للفتاة المقبلة على الزواج والتي تدور حدوتها بأكملها أثناء وجودها في الكوافير للتبرج قبل الزفاف مباشرة، في النظرة السريعة، هذه الحكاية لا يتطور فيها شيء على الإطلاق، فبين النقل عليها وعلى الحكايات الأخرى، تظل هي في مكانها، مرتبطة بالمظاهر العامة للتبرج، والحديث الخاص بين السيدات في الكوافير، ولكن في الحقيقة، هي تحمل لحظات معبرة جدا، وتنفيذها بهذا الشكل أجاد توصيف جل المعاني المراد توصيلها، حافظ على الارتعاشة الماكنة من قلب هذه الفتاة التي من الواضح أنها تجيد السير مع التيار، على الرغم من إحساسها الداخلي بالنفور مما يحدث حولها، فلقطات ظهور أمها القليلة كانت توحي بشخصيتها المتسلطة، المتحكمة بجدارة في حياة هذه الإبنة، والتي من المتوقع أنها بالفعل من اقنعها بهذه الزيجة الغريبة عنها، ففي احدى اللقطات تعترض الفتاة على المغالاة التي لجأت إليها عاملة الكوافير في تزيين وجهها، فتجيب الأم بلهجة اقرارية، أن المكياج جيد، وفي لقطة أخرى يحملن صديقاتها لها سحلفاة صغيرة، فتقول الأم بنبرة ضيق ‘احنا مش كنا خلصنا من السحلفة دي’، في اشارة قوية إلى أن الأم سبق وتدخلت في أن تبعد الفتاة عن حيوانها المألوف، فهي تخشى عليها مما قد يعيق مسار ما خطته هي له.
لقطات أخرى جاءت موحية، بغير حديث، ولا سابق خلفية، وهو ما كان ثريا جدا على مستوى الدراما، مثل اللقطة التي تنظر فيها الفتاة لصورة عريسها، وفي المقابل تبدو أفكارها منغلقة، متلاشية، فهي حيادية تجاه حياتها إلى حد مقيت، فنراها تستمتع إلى حديث صديقتين حولها، عن أفكار تافهة تخص التوافق بين الشخصين المرتبطين بمعيار أنواع الطعام، فعندما يخبرها عريسها في النهاية أنه طلبها اكثر من مرة ووجد هاتفها مغلقا، تجيبه في اقتضاب ومن ثم تُغير الموضوع في بلاهة وتسأله عن أنواع الطعام التي كان يحدث عنها جارتيها في الكوافير، هي تفضل على الرغم من كل شيء أن تتعامى عن ما بداخلها، وأن تُكمل وهي تحاكي فكر الآخرين.
قصة أخرى مشابهة، لا تتطور اطلاقا في شكلها على نفس المنوال، ولكنها في مجملها تحمل المعنى الأقوى في الفيلم بأكمله، هي قصة العجوز الذي خرج صباحا من بيته، وهو لا يعلم له وجهة، فوقف على الرصيف لمدة نهار كامل، البعض قد يجد قصة كهذه مبالغا فيها، ولكنها الأكثر جدارة وإلماما بمهابة نوع معين من الشيخوخة، فالوحدة عند تركيبة خاصة من البشر تدفع إلى الشيخوخة في التعامل مع الحياة بأكملها، فمن الممكن جدا أن تتخيل هذا العجوز وهو لم يفارق شقته لمدة طويلة، لم يتحدث مع آخرين، ولم يعد فقيها بلغة الشارع، ونبض العالم من حوله، طلباته المنزلية يجلبها له بواب عمارته، يأتيه زائروه أحيانا و إن لم يأتوا فلن يغير ذلك شيئا، ولكن هذا الرجل في يوم ما قرر أن يهبط سلم عمارته إلى الشارع، يتردد من حين لآخر في تخطي الجهة الأخرى منه، فـ ‘إلى أين يذهب؟ ولماذا؟’، فيعود ليؤثر السلامة، ويلتزم بمكانه على الرصيف يشاهد الشارع وكفى، إنه ليس مجرد عجوز مجنون لا يقوى على اانسلال ما بين العربات، ولكنه رجل معافى البدن، شائخ الحيوية تقولب في بيته، لمدة طويلة كفاية لكي تجعل بائع الجرائد من أسفل بيته لا يعلم من هو ولا أيا من الباعة الاخرين في نفس المنطقة.
في وقفة الرجل طوال النهار، تعتريه الحيرة ويأكله التردد ما بين الذهاب أو الإلتزام بمكانه، يأخذ الصراع في داخله من بهجة حضوره على أي حال وسط الصخب والناس، ولكن مجيء الليل، يأتي ببعض من الحياة إليه، فيشاهد زفة تمر بقربه، يتمتع برؤية الفرح على وجوه الغرباء، فتعم وجهه ملامح الرضا، وينبش في جيبه عن قطعة الشيكولاته التي أعطتها له فتاة سبق وأن عرضت عليه المساعدة، يأكلها في سعادة فهو الآن قد اقتنع أن يومه بالخارج أثمر عن شيء يرضيه. ومعها تأتي لقطة ضوء عمود النور وهو ثابت بعدما أنهكه الارتعاش في لقطات سابقة.
القصة الأخيرة التي تأتي لصالح فلسفة الفيلم، قصة الصغيرة التي تحيا وسط أجواء دينية دائمة، تنفي عنها عالمها الطفولي، وبدا من الواضح أن هذه الهزلية التي تحياها، أثرت على سلوكها بشكل عام، فنراها أميل إلى العنف حيال هذه الرموز التي اُرغمت على العيش بينها، ففي المسجد تضايق السيدات العجائز، وتلقي بالمخلفات على رأس رجل يقرأ القرآن، إنه العالم الذي تمقته والذي وضعت فيه عنوة، وجعلها من البلاهة بحيث تبدو غير واعية طوال الوقت بتصرفاتها. وقد قدم السيناريو مشهدا غاية في القسوة، تم تنفيذه بمنتهى الدقة التي قدمت معناه وأبرزته، وهو المشهد الذي كانت تحكي فيه احدى السيدات قصة سليمان والجن، وفي المقابل الطفلة تتخيل نفسها على أرجوحة قوية تلتف بها في صمت قاتم مقبض ينقطع فيه شريط الصوت نهائيا. مشهد آخر، تربت الصغيرة فيه بلطف على يد جدتها وهي تحتضر فتقبض الجدة عليها بقوة، تحاول الصغيرة الإفلات ولكنها وحتى نهاية اللقطة تخفق في ذلك، إنه الأثر الذي تخلفه هذه الجدة مدى الحياة على طبيعة شخصية هذه الطفلة، فهي لن تتملص من كل الأجواء التي احاطتها سابقا، بالطبع سيظل جزءا منها ليس هينا سجينا له.
يبقى هنا الثلاث حكايات الأخرى، وهي على النقيض تماما من الهندمة والرقي في الطرح الذي سبق وأن وصفته في الحكايات السابقة، فكل حكاية هذه المرة تحمل من السخف واللامنطقية ما يكفي لكي تضر بالحكايات الصحيحة السليمة، وتأخد من جماليتها، وتشتت المُشاهد عنها، فهي حتى لم تكن محبوكة بالشكل المقنع، وتبدو غير مكتملة، إلى جانب الطابع الساذج الذي قدمت به، مثلا حكاية السيدة التي بدت تعاني من تقلبات مزاجية بعد وفاة زوجها، كانت ممطوطة في مدتها الزمنية اكثر من اللازم، كذلك امتد فيها الإستعراض بالكاميرا اكثر من الإهتمام بمعالجة الفكرة. وقصة الفتاة التي تعاني طوال الوقت من هاجس التغيير، فلا الفكرة جاءت مقنعة ولا منطقية في تنفيذها، إلى جانب اللقطة الساذجة التي شاهدت فيها نفسها (شكلها مطابق لما هي عليه) ، في دليل على التصالح النفسي الذي توصلت إليه، بعدما كانت تشاهد في نفس المكان أثناء مشوارها إلى عملها فتاة اخرى تخالف مظهرها، إنها كلها فوضوية، أدت الفيلم بشكل واضح، فأزمة الفيلم الأساسية لم تكن في كونه لم يطرح قصصه على هيئة فصول بالتتابع، ولكنه عانى من منطقية وجمالية نصف القصص التي يطرحها، ومع تكنيك عرضها بالتوازي مع مثيلتها جيدة المستوى، تفاوت ايقاع الفيلم وفقد الكثير من التناغم.
آخر كلمتين:
ـ ‘أوضة الفيران’ ليس فيلما سيئا، ولكنه احتاج إلى مجهود بدائي آثر صناعه عدم بذله(وكأنهم تآمروا على أنفسهم) لكي يرتقوا بفيلمهم من هذا المأزق الذي وضعوه فيه.
‘أوضة الفيران’ وهو الفيلم المصري الذي تم عرضه بمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، ينتمي إلى هذه الفئة من الأفلام، وخصوصا لأنه نتاج تجربة جماعية لـ 6 مخرجين، قدموا من خلاله قصصا انسانية مختلفة، إذا فنسبة التفاوت ممكنة، وهذا التفاوت في حد ذاته من أكبر الأخطاء التي أصبغت على الفيلم نبرة ارتباكية، ودفعت بنقاط ضعفه واضحة أمام المتفرج، حاجبة في الخلف نقاطا تُحسب لصالحه.
مستوى الحكايات
انقسمت قصص أبطال الفيلم إلى ثلاث قصص قوية لها أثرها ومعناها، جاءت تحمل من العمق، وتدعو إلى التفكير، والأهم أنها لا تقدم المعلومة سهلة طيّعة، وإنما عملت على تضمين السرد بعدا نفسيا متواريا، وهذه نقطة قوة لا يمكن أن لا تُحسب للفيلم، أو يتم التغاضي عنها لصالح نقيض ما حدث في القصص الثلاث الأخرى، من تناول مُبهم وسطحي .
فبالحديث عن القصص الثلاث الجيدة، والتي يتمثل أبسطها في القصة الأولى، للفتاة المقبلة على الزواج والتي تدور حدوتها بأكملها أثناء وجودها في الكوافير للتبرج قبل الزفاف مباشرة، في النظرة السريعة، هذه الحكاية لا يتطور فيها شيء على الإطلاق، فبين النقل عليها وعلى الحكايات الأخرى، تظل هي في مكانها، مرتبطة بالمظاهر العامة للتبرج، والحديث الخاص بين السيدات في الكوافير، ولكن في الحقيقة، هي تحمل لحظات معبرة جدا، وتنفيذها بهذا الشكل أجاد توصيف جل المعاني المراد توصيلها، حافظ على الارتعاشة الماكنة من قلب هذه الفتاة التي من الواضح أنها تجيد السير مع التيار، على الرغم من إحساسها الداخلي بالنفور مما يحدث حولها، فلقطات ظهور أمها القليلة كانت توحي بشخصيتها المتسلطة، المتحكمة بجدارة في حياة هذه الإبنة، والتي من المتوقع أنها بالفعل من اقنعها بهذه الزيجة الغريبة عنها، ففي احدى اللقطات تعترض الفتاة على المغالاة التي لجأت إليها عاملة الكوافير في تزيين وجهها، فتجيب الأم بلهجة اقرارية، أن المكياج جيد، وفي لقطة أخرى يحملن صديقاتها لها سحلفاة صغيرة، فتقول الأم بنبرة ضيق ‘احنا مش كنا خلصنا من السحلفة دي’، في اشارة قوية إلى أن الأم سبق وتدخلت في أن تبعد الفتاة عن حيوانها المألوف، فهي تخشى عليها مما قد يعيق مسار ما خطته هي له.
لقطات أخرى جاءت موحية، بغير حديث، ولا سابق خلفية، وهو ما كان ثريا جدا على مستوى الدراما، مثل اللقطة التي تنظر فيها الفتاة لصورة عريسها، وفي المقابل تبدو أفكارها منغلقة، متلاشية، فهي حيادية تجاه حياتها إلى حد مقيت، فنراها تستمتع إلى حديث صديقتين حولها، عن أفكار تافهة تخص التوافق بين الشخصين المرتبطين بمعيار أنواع الطعام، فعندما يخبرها عريسها في النهاية أنه طلبها اكثر من مرة ووجد هاتفها مغلقا، تجيبه في اقتضاب ومن ثم تُغير الموضوع في بلاهة وتسأله عن أنواع الطعام التي كان يحدث عنها جارتيها في الكوافير، هي تفضل على الرغم من كل شيء أن تتعامى عن ما بداخلها، وأن تُكمل وهي تحاكي فكر الآخرين.
قصة أخرى مشابهة، لا تتطور اطلاقا في شكلها على نفس المنوال، ولكنها في مجملها تحمل المعنى الأقوى في الفيلم بأكمله، هي قصة العجوز الذي خرج صباحا من بيته، وهو لا يعلم له وجهة، فوقف على الرصيف لمدة نهار كامل، البعض قد يجد قصة كهذه مبالغا فيها، ولكنها الأكثر جدارة وإلماما بمهابة نوع معين من الشيخوخة، فالوحدة عند تركيبة خاصة من البشر تدفع إلى الشيخوخة في التعامل مع الحياة بأكملها، فمن الممكن جدا أن تتخيل هذا العجوز وهو لم يفارق شقته لمدة طويلة، لم يتحدث مع آخرين، ولم يعد فقيها بلغة الشارع، ونبض العالم من حوله، طلباته المنزلية يجلبها له بواب عمارته، يأتيه زائروه أحيانا و إن لم يأتوا فلن يغير ذلك شيئا، ولكن هذا الرجل في يوم ما قرر أن يهبط سلم عمارته إلى الشارع، يتردد من حين لآخر في تخطي الجهة الأخرى منه، فـ ‘إلى أين يذهب؟ ولماذا؟’، فيعود ليؤثر السلامة، ويلتزم بمكانه على الرصيف يشاهد الشارع وكفى، إنه ليس مجرد عجوز مجنون لا يقوى على اانسلال ما بين العربات، ولكنه رجل معافى البدن، شائخ الحيوية تقولب في بيته، لمدة طويلة كفاية لكي تجعل بائع الجرائد من أسفل بيته لا يعلم من هو ولا أيا من الباعة الاخرين في نفس المنطقة.
في وقفة الرجل طوال النهار، تعتريه الحيرة ويأكله التردد ما بين الذهاب أو الإلتزام بمكانه، يأخذ الصراع في داخله من بهجة حضوره على أي حال وسط الصخب والناس، ولكن مجيء الليل، يأتي ببعض من الحياة إليه، فيشاهد زفة تمر بقربه، يتمتع برؤية الفرح على وجوه الغرباء، فتعم وجهه ملامح الرضا، وينبش في جيبه عن قطعة الشيكولاته التي أعطتها له فتاة سبق وأن عرضت عليه المساعدة، يأكلها في سعادة فهو الآن قد اقتنع أن يومه بالخارج أثمر عن شيء يرضيه. ومعها تأتي لقطة ضوء عمود النور وهو ثابت بعدما أنهكه الارتعاش في لقطات سابقة.
القصة الأخيرة التي تأتي لصالح فلسفة الفيلم، قصة الصغيرة التي تحيا وسط أجواء دينية دائمة، تنفي عنها عالمها الطفولي، وبدا من الواضح أن هذه الهزلية التي تحياها، أثرت على سلوكها بشكل عام، فنراها أميل إلى العنف حيال هذه الرموز التي اُرغمت على العيش بينها، ففي المسجد تضايق السيدات العجائز، وتلقي بالمخلفات على رأس رجل يقرأ القرآن، إنه العالم الذي تمقته والذي وضعت فيه عنوة، وجعلها من البلاهة بحيث تبدو غير واعية طوال الوقت بتصرفاتها. وقد قدم السيناريو مشهدا غاية في القسوة، تم تنفيذه بمنتهى الدقة التي قدمت معناه وأبرزته، وهو المشهد الذي كانت تحكي فيه احدى السيدات قصة سليمان والجن، وفي المقابل الطفلة تتخيل نفسها على أرجوحة قوية تلتف بها في صمت قاتم مقبض ينقطع فيه شريط الصوت نهائيا. مشهد آخر، تربت الصغيرة فيه بلطف على يد جدتها وهي تحتضر فتقبض الجدة عليها بقوة، تحاول الصغيرة الإفلات ولكنها وحتى نهاية اللقطة تخفق في ذلك، إنه الأثر الذي تخلفه هذه الجدة مدى الحياة على طبيعة شخصية هذه الطفلة، فهي لن تتملص من كل الأجواء التي احاطتها سابقا، بالطبع سيظل جزءا منها ليس هينا سجينا له.
يبقى هنا الثلاث حكايات الأخرى، وهي على النقيض تماما من الهندمة والرقي في الطرح الذي سبق وأن وصفته في الحكايات السابقة، فكل حكاية هذه المرة تحمل من السخف واللامنطقية ما يكفي لكي تضر بالحكايات الصحيحة السليمة، وتأخد من جماليتها، وتشتت المُشاهد عنها، فهي حتى لم تكن محبوكة بالشكل المقنع، وتبدو غير مكتملة، إلى جانب الطابع الساذج الذي قدمت به، مثلا حكاية السيدة التي بدت تعاني من تقلبات مزاجية بعد وفاة زوجها، كانت ممطوطة في مدتها الزمنية اكثر من اللازم، كذلك امتد فيها الإستعراض بالكاميرا اكثر من الإهتمام بمعالجة الفكرة. وقصة الفتاة التي تعاني طوال الوقت من هاجس التغيير، فلا الفكرة جاءت مقنعة ولا منطقية في تنفيذها، إلى جانب اللقطة الساذجة التي شاهدت فيها نفسها (شكلها مطابق لما هي عليه) ، في دليل على التصالح النفسي الذي توصلت إليه، بعدما كانت تشاهد في نفس المكان أثناء مشوارها إلى عملها فتاة اخرى تخالف مظهرها، إنها كلها فوضوية، أدت الفيلم بشكل واضح، فأزمة الفيلم الأساسية لم تكن في كونه لم يطرح قصصه على هيئة فصول بالتتابع، ولكنه عانى من منطقية وجمالية نصف القصص التي يطرحها، ومع تكنيك عرضها بالتوازي مع مثيلتها جيدة المستوى، تفاوت ايقاع الفيلم وفقد الكثير من التناغم.
آخر كلمتين:
ـ ‘أوضة الفيران’ ليس فيلما سيئا، ولكنه احتاج إلى مجهود بدائي آثر صناعه عدم بذله(وكأنهم تآمروا على أنفسهم) لكي يرتقوا بفيلمهم من هذا المأزق الذي وضعوه فيه.
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق