نُشر فى جريدة القدس العربى
................................................
JULY 7, 2014
................................................
«المهاجر» لجيمس غري: بانتظار القادم الذي لن ياتي!
إسراء إمام
الأفلام قد تكون في إحدى صور المخيلة مثل حبل متوسط الطول، يرتخي لدرجة تفقده قوامه وهيئته، تحيله إلى كومة خيط بائسة لا تنفع ولا تضر، وآخر يبدو مشدودا قاسما مثل نصل السيف، قائما بغرضه على أكمل وجه وفي أقصى سرعة، بينما يأتي الأخير منتصبا في وعي يقف في المنتصف ما بين الترهل والرشاقة له فعلة السكين البارد، مؤديا مهمة القطع في تمهل وبتباطؤ وتواطؤ، يظل إثره لون الدماء باقيا على الجدران لأمد غير معلوم.
فيلم «المهاجر» ينتمي إلى الصورة الأولى، يُشبه متوالية الخيط المركونة إلى جانب الجدران، ثمة بعض التوهج الباقي على أطرافها، والذي على الرغم من استطاعته لفت الأنظار، إلا أنه لا يحوز الإهتمام، ولا يخطف العين ومن قبلها الروح فترة تستحق العناء من الوقت. هو الفيلم الذي ستظل تنتظر منه شيئا لن يأتي، الفيلم الذي يتعمد إزاغة عينيك طوال الرحلة التي ستبدأها معه، يلوح بمشهياته التي يملكها بجدارة للقتحام عالمك، فيُلهيك بحضور نجمته الأكثر تصالحا مع إطلالتها الفاتنة «ماريون كوتيلارد» أو بعبقرية أداء الممثل المتطرف في إختلافه «جاكوين فينكس». يغويك بشكل كادراته الأنيقة وهيئتها الجميلة رغم قتامتها. ولكنه لن يملأ هوة خيبتك حينما تدرك أن انتظارك كله لم يسفر عن شيء ذي قيمة.
معالجة باهتة
«ايفا» فتاة مهاجرة إلى أمريكا، وفي ظل التعنت في السماح للمهاجرين بالدخول إلى أرض الأحلام بسهولة، تواجه ايفا الكثير من العقبات التي تحيل بينها وبين رضاها وسلامها النفسي، وتقربها مما تكره، ففي ظل تخاذل عمتها لإنقاذها هي وأختها، تنقاد خلف رجل يقدم لها المساعدة في سبيل استغلال جسدها.
الأمر هنا لا يتوقف على تقليدية القصة، وإنما في تقاعس المعالجة عن خلق الجو الملائم لقصة بمثل هذه البساطة، والتي تحتاج الكثير من العناء والعناية بالشخصيات، والحفاظ على كل أوقات هينة من مدة العرض، وهذا ما لم يحدث، وفي المقابل تم حشر العديد من الحوادث العرضية. وتبدت الشخصيات بمظهر مرتبك، يعتمد على خلفيات لم يتم الإفصاح عنها أو توضيح ماهيتها. فبدا الأداء _حتى ولو كان قيما يستحق الإشادة والتذكر _طافيا فوق فقاعة مصيرها الزوال إن لم يكن آجلا فسيكون عاجلا.
شخصيات الظل الأسود
ثمة منطقة ظل، يمكنها أن تبتلع شخصية ما ولكنها تبقيها مدعاة للإثارة والفضول، ومن خلال ضوئها الرمادي تثير حولها مزيد من التساؤلات وتدفع بها إلى مصاف مقدمة الاهتمامات. ولكن منطقة الظل التي ابتلعت شخصيات فيلم « المهاجر « اصطبغت بلون أسود حالك، حجب الرؤية تماما ولم يترك منفذا للإنشغال بها أو يكسبها بعض السحر المثير للشغف.
فشخصية «ايفا» بدت من فرط وضوحها مبتذلة مائلة إلى الخبث، فوقعت في منطقة تنازع سخيفة بين النقاء والسخف، وبالتالي كان احساس المتفرج بها على ذات الصيغة المعقدة، والتي لا تبعث في نفسه الارتياح، فهو لا يكن نحوها مشاعر واضحة، أو ملتبسة بمعنى ايجابي، بينما ظل متأرجح ما بين عدم فهمها بنحو متأفف، لا يفلت من قبضته المرهقة سوى حضور وأداء الجميلة «ماريون كوتيلارد» والتي من دونها لم يكن لإيفا أية قيمة نفسية وروحانية. «ايفا» شخصية متنافرة المتناقضات، يمكنها أن تكون حقيقية فقط على الورق، بينما لا تجد لسماتها غير المتناغمة وجودا حقيقيا على أرض الواقع، فهي وبالقراءة الصحيحة لها، متسرعة في حكمها، غليظة القلب، تميل نحو الاهتمام بالمظهر، تبكي لأنها تستخدم جسدها للارتزاق، وتدعي كرهها للرجل الذي أجبرها على ذلك، ولكنها في الواقع تتحجج بهذا السبب لكي تزاول كرهها له بإحساس مشروع، فهي من البداية لم تقبله، ولم تبد في داخلها أي استعداد للتجاوب معه على أية نحو. لم يقصد السيناريو بالطبع إرساء كل هذه الانطباعات عن «إيفا» بل أراد لها العكس، أظهرها طفولية، نقية إلى حد غريب، قليلة الحيلة، وتحمل قلبا طيبا رقيقا، وعلى قدر حجم المسافة بين ما قصده السيناريو وما وصله عن طريق الخطأ بخصوص هذه الشخصية يكمن مدى رداءة كتابتها.
أما شخصية «برونو» فهي الشخصية الأكثر توازنا على الرغم من التعتيم المخل، إلا أنها كانت الأكثر إفصاحا وسحرا، فهو الرجل الذي وقع في الحب وبقي أسيرا له حد الجنون، وفي شيء من اللامنطقية لم يمنعه هذا من المتاجرة بالمرأة التي أحبها، دون أي سبب مقنع، وفي الوقت ذاته توقف عن هذا وأدرك خطأه بعد فترة من الزمن فات الأوان فيها على استعادة ثقة هذه السيدة، فالعقدة هنا، مصطنعة، يمكن أن تسميها (عقدة سيناريو فيلم سينما) بسهولة، لها وقع تمثيلي لا يتمتع بأية جاذبية. ولكن بخلاف هذه المنطقة الملغمة، تتسق خصال «برونو» المتناقضة بجمال وتوهج، فهو يحمل قلب رجلا بريئا على الرغم من عمله المشبوه، يتمتع بمشاعر هشة تتقافز فوق الهيبة التي يرسمها لنفسه، «برونو» من أجمل ما في فيلم « المهاجر «، وعندما تلتقي عفوية هذه الشخصية مع فخامة أداء «فينيكس» لن يسع الوصف مكان.
ويتبقى شخصية «ايميل»، شخصية الرجل الذي تميل إليه ايفا على حساب برونو، وهي الشخصية الأكثر تشوها بالفيلم، والتي اُقحمت دون عناية لكي تخلق حدث واه يقوم عليه الفيلم بأكمله دون وعي، فهي شخصية منقوصة، لا ندرك لها هوية أو يسعنا القبض على معنى لإحساسها، تبدت ملقاة في غير أهمية لتؤدي أغراضها وكفى، فظهرت تصرفاتها مائعة لا تبعث على أي شعور سوى البُعد ووضع مليون حاجز بينها وبين المتفرج، رقة «ايميل» مع «ايفا» بدت ماسخة، ومحاولاته مساعدتها لم تبلغ مسعاها في التأثير علينا، أو الدفع بنا للتورط في التعاطف ازاء كل ما يحدث بينه وبين «ايفا»، كل شيء بدا مصنوعا مثل أصل هذه الشخصية المقيتة التي لا مبرر لتواجدها من الأساس سوى غلب السيناريو في صنع أي حدث .
علاقات فقيرة
العلاقات ما بين الشخصيات احتلت منطقة مقفرة، لها ذات المذاق المحايد، والوقع المائل للاستسهال. علاقة «برونو» و»ايفا»، أو «علاقة «ايفا» بـ»ايميل»، وبالأخص علاقة «برونو» بـ «ايميل»، فالسيناريو افتعل كل المستحيلات لكي يقنعنا بتاريخ ما يربط ما بين «ايميل» و»برونو»، تاريخ من العداء المبنى على حدوتة قديمة،سردها «برونو» على عجل، ألقى بها على مسامعنا ليخطو عليها السيناريو ويهشم وجودها، ويثبت عجزه عن العناية بأقل مستويات من حقوق المتفرج، في أن لا يستغفل إدراكه بهذا الشكل الساذج، الذي يهيىء له الخديعة على طبق من فضة، فيصيغ الوقائع والتفاصيل بطريقة حكاء الأرصفة، الذي لا يهتم بجودة ما يسرد على قدر العناية بوقع كلماته، والحقيقة أن هذه المقارنة أيضا لا تجوز لأنها ستظلم هذا الحكاء الذي لا يدعي شيئا في النهاية، بينما يملك متعة وأصالة ما لم تكن متوفرة في هذا الفيلم.
الصورة
الصورة التي تبدى عليها الفيلم، من أدوات الجمال التي امتلكها، سواء على مستوى الكادرات والتكوينات، والتي نجدها على درجة عالية من النبوغ، مثل اللقطات التي كانت ترصد «ايفا» وهي تصلي، في مشهد الجزيرة من خلف الباب أمامها الزجاج الذي يُحّيد تفاصيل وجهها، ويمنح فرصة لكلماتها العذبة الروحانية لكي تتقدم الصورة، أو في مشهد صلاتها في الكنيسة، حينما كانت تتوسط الخلفية المتعمة إلا من نثرات الشموع هنا وهناك، وكأنها سماء امتدت لتحتضنها. أيضا هذا الكادر الرائع في النهاية والذي ظهرت فيه الشاشة مقتسمة ما بين جزء يتبدى فيه «برونو» وهو يقف لينظر من النافذة على ايفا واختها أثناء مغادرتهما، والجزء الآخر على النافذة المجاورة له وهي تُبين بوضوح صورة القارب الذي يحملهما، والذي لم يظهر من الجهة التي يطل عليها برونو، وكأن مصير كل من برونو وايفا قد اختلف للأبد، ولم يعد ثمة أمل لأي تلاق بينهما من جديد.
وكذلك على مستوى الألوان، التي اتسمت ببعض القتامة مكتسبة الأناقة والتحفظ اللائق بحضور الفيلم، وفترة وقوع أحداثه، وأبرزت جماليات الديكور، ومدى ملاءمته.
آخر كلمتين:
ـ «فينيكس» من آلهة التمثيل، يمتلك عينين منغلقتين على الصخب والصمت، الفوضى والهندمة، العبث والتحفظ، فهو مشعوذ بدرجة فنان ممتاز.
فيلم «المهاجر» ينتمي إلى الصورة الأولى، يُشبه متوالية الخيط المركونة إلى جانب الجدران، ثمة بعض التوهج الباقي على أطرافها، والذي على الرغم من استطاعته لفت الأنظار، إلا أنه لا يحوز الإهتمام، ولا يخطف العين ومن قبلها الروح فترة تستحق العناء من الوقت. هو الفيلم الذي ستظل تنتظر منه شيئا لن يأتي، الفيلم الذي يتعمد إزاغة عينيك طوال الرحلة التي ستبدأها معه، يلوح بمشهياته التي يملكها بجدارة للقتحام عالمك، فيُلهيك بحضور نجمته الأكثر تصالحا مع إطلالتها الفاتنة «ماريون كوتيلارد» أو بعبقرية أداء الممثل المتطرف في إختلافه «جاكوين فينكس». يغويك بشكل كادراته الأنيقة وهيئتها الجميلة رغم قتامتها. ولكنه لن يملأ هوة خيبتك حينما تدرك أن انتظارك كله لم يسفر عن شيء ذي قيمة.
معالجة باهتة
«ايفا» فتاة مهاجرة إلى أمريكا، وفي ظل التعنت في السماح للمهاجرين بالدخول إلى أرض الأحلام بسهولة، تواجه ايفا الكثير من العقبات التي تحيل بينها وبين رضاها وسلامها النفسي، وتقربها مما تكره، ففي ظل تخاذل عمتها لإنقاذها هي وأختها، تنقاد خلف رجل يقدم لها المساعدة في سبيل استغلال جسدها.
الأمر هنا لا يتوقف على تقليدية القصة، وإنما في تقاعس المعالجة عن خلق الجو الملائم لقصة بمثل هذه البساطة، والتي تحتاج الكثير من العناء والعناية بالشخصيات، والحفاظ على كل أوقات هينة من مدة العرض، وهذا ما لم يحدث، وفي المقابل تم حشر العديد من الحوادث العرضية. وتبدت الشخصيات بمظهر مرتبك، يعتمد على خلفيات لم يتم الإفصاح عنها أو توضيح ماهيتها. فبدا الأداء _حتى ولو كان قيما يستحق الإشادة والتذكر _طافيا فوق فقاعة مصيرها الزوال إن لم يكن آجلا فسيكون عاجلا.
شخصيات الظل الأسود
ثمة منطقة ظل، يمكنها أن تبتلع شخصية ما ولكنها تبقيها مدعاة للإثارة والفضول، ومن خلال ضوئها الرمادي تثير حولها مزيد من التساؤلات وتدفع بها إلى مصاف مقدمة الاهتمامات. ولكن منطقة الظل التي ابتلعت شخصيات فيلم « المهاجر « اصطبغت بلون أسود حالك، حجب الرؤية تماما ولم يترك منفذا للإنشغال بها أو يكسبها بعض السحر المثير للشغف.
فشخصية «ايفا» بدت من فرط وضوحها مبتذلة مائلة إلى الخبث، فوقعت في منطقة تنازع سخيفة بين النقاء والسخف، وبالتالي كان احساس المتفرج بها على ذات الصيغة المعقدة، والتي لا تبعث في نفسه الارتياح، فهو لا يكن نحوها مشاعر واضحة، أو ملتبسة بمعنى ايجابي، بينما ظل متأرجح ما بين عدم فهمها بنحو متأفف، لا يفلت من قبضته المرهقة سوى حضور وأداء الجميلة «ماريون كوتيلارد» والتي من دونها لم يكن لإيفا أية قيمة نفسية وروحانية. «ايفا» شخصية متنافرة المتناقضات، يمكنها أن تكون حقيقية فقط على الورق، بينما لا تجد لسماتها غير المتناغمة وجودا حقيقيا على أرض الواقع، فهي وبالقراءة الصحيحة لها، متسرعة في حكمها، غليظة القلب، تميل نحو الاهتمام بالمظهر، تبكي لأنها تستخدم جسدها للارتزاق، وتدعي كرهها للرجل الذي أجبرها على ذلك، ولكنها في الواقع تتحجج بهذا السبب لكي تزاول كرهها له بإحساس مشروع، فهي من البداية لم تقبله، ولم تبد في داخلها أي استعداد للتجاوب معه على أية نحو. لم يقصد السيناريو بالطبع إرساء كل هذه الانطباعات عن «إيفا» بل أراد لها العكس، أظهرها طفولية، نقية إلى حد غريب، قليلة الحيلة، وتحمل قلبا طيبا رقيقا، وعلى قدر حجم المسافة بين ما قصده السيناريو وما وصله عن طريق الخطأ بخصوص هذه الشخصية يكمن مدى رداءة كتابتها.
أما شخصية «برونو» فهي الشخصية الأكثر توازنا على الرغم من التعتيم المخل، إلا أنها كانت الأكثر إفصاحا وسحرا، فهو الرجل الذي وقع في الحب وبقي أسيرا له حد الجنون، وفي شيء من اللامنطقية لم يمنعه هذا من المتاجرة بالمرأة التي أحبها، دون أي سبب مقنع، وفي الوقت ذاته توقف عن هذا وأدرك خطأه بعد فترة من الزمن فات الأوان فيها على استعادة ثقة هذه السيدة، فالعقدة هنا، مصطنعة، يمكن أن تسميها (عقدة سيناريو فيلم سينما) بسهولة، لها وقع تمثيلي لا يتمتع بأية جاذبية. ولكن بخلاف هذه المنطقة الملغمة، تتسق خصال «برونو» المتناقضة بجمال وتوهج، فهو يحمل قلب رجلا بريئا على الرغم من عمله المشبوه، يتمتع بمشاعر هشة تتقافز فوق الهيبة التي يرسمها لنفسه، «برونو» من أجمل ما في فيلم « المهاجر «، وعندما تلتقي عفوية هذه الشخصية مع فخامة أداء «فينيكس» لن يسع الوصف مكان.
ويتبقى شخصية «ايميل»، شخصية الرجل الذي تميل إليه ايفا على حساب برونو، وهي الشخصية الأكثر تشوها بالفيلم، والتي اُقحمت دون عناية لكي تخلق حدث واه يقوم عليه الفيلم بأكمله دون وعي، فهي شخصية منقوصة، لا ندرك لها هوية أو يسعنا القبض على معنى لإحساسها، تبدت ملقاة في غير أهمية لتؤدي أغراضها وكفى، فظهرت تصرفاتها مائعة لا تبعث على أي شعور سوى البُعد ووضع مليون حاجز بينها وبين المتفرج، رقة «ايميل» مع «ايفا» بدت ماسخة، ومحاولاته مساعدتها لم تبلغ مسعاها في التأثير علينا، أو الدفع بنا للتورط في التعاطف ازاء كل ما يحدث بينه وبين «ايفا»، كل شيء بدا مصنوعا مثل أصل هذه الشخصية المقيتة التي لا مبرر لتواجدها من الأساس سوى غلب السيناريو في صنع أي حدث .
علاقات فقيرة
العلاقات ما بين الشخصيات احتلت منطقة مقفرة، لها ذات المذاق المحايد، والوقع المائل للاستسهال. علاقة «برونو» و»ايفا»، أو «علاقة «ايفا» بـ»ايميل»، وبالأخص علاقة «برونو» بـ «ايميل»، فالسيناريو افتعل كل المستحيلات لكي يقنعنا بتاريخ ما يربط ما بين «ايميل» و»برونو»، تاريخ من العداء المبنى على حدوتة قديمة،سردها «برونو» على عجل، ألقى بها على مسامعنا ليخطو عليها السيناريو ويهشم وجودها، ويثبت عجزه عن العناية بأقل مستويات من حقوق المتفرج، في أن لا يستغفل إدراكه بهذا الشكل الساذج، الذي يهيىء له الخديعة على طبق من فضة، فيصيغ الوقائع والتفاصيل بطريقة حكاء الأرصفة، الذي لا يهتم بجودة ما يسرد على قدر العناية بوقع كلماته، والحقيقة أن هذه المقارنة أيضا لا تجوز لأنها ستظلم هذا الحكاء الذي لا يدعي شيئا في النهاية، بينما يملك متعة وأصالة ما لم تكن متوفرة في هذا الفيلم.
الصورة
الصورة التي تبدى عليها الفيلم، من أدوات الجمال التي امتلكها، سواء على مستوى الكادرات والتكوينات، والتي نجدها على درجة عالية من النبوغ، مثل اللقطات التي كانت ترصد «ايفا» وهي تصلي، في مشهد الجزيرة من خلف الباب أمامها الزجاج الذي يُحّيد تفاصيل وجهها، ويمنح فرصة لكلماتها العذبة الروحانية لكي تتقدم الصورة، أو في مشهد صلاتها في الكنيسة، حينما كانت تتوسط الخلفية المتعمة إلا من نثرات الشموع هنا وهناك، وكأنها سماء امتدت لتحتضنها. أيضا هذا الكادر الرائع في النهاية والذي ظهرت فيه الشاشة مقتسمة ما بين جزء يتبدى فيه «برونو» وهو يقف لينظر من النافذة على ايفا واختها أثناء مغادرتهما، والجزء الآخر على النافذة المجاورة له وهي تُبين بوضوح صورة القارب الذي يحملهما، والذي لم يظهر من الجهة التي يطل عليها برونو، وكأن مصير كل من برونو وايفا قد اختلف للأبد، ولم يعد ثمة أمل لأي تلاق بينهما من جديد.
وكذلك على مستوى الألوان، التي اتسمت ببعض القتامة مكتسبة الأناقة والتحفظ اللائق بحضور الفيلم، وفترة وقوع أحداثه، وأبرزت جماليات الديكور، ومدى ملاءمته.
آخر كلمتين:
ـ «فينيكس» من آلهة التمثيل، يمتلك عينين منغلقتين على الصخب والصمت، الفوضى والهندمة، العبث والتحفظ، فهو مشعوذ بدرجة فنان ممتاز.
إسراء إمام
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق