_نُشِر في الجزيرة الوثائقية_ (المقال الثالث من سلسلة مقالات ملهمون من دفتر السينما) دفتر السينما قدم عدد من الملهمين المتعَمِدين، المُتَقصِدين ممارسة هباتهم فى تحريك المياه الراكدة، الحريصين على كل ما يخلفونه ورائهم من ميراث مكتظ بالتمرد على قبح العالم، وقد سبق وأفنوا أنفسهم يوما فى مواجهة كل شرور وغرور البشرية، حينما قرروا أن يسلكوا الدروب الأكثر آدمية، حتى وإن لم يُتفق عليها، أو يُعتَرَف بها... هؤلاء الذين أحكى عنهم، ملهمون، نحن نعرف عنهم، وهم أيضا يعرفون، لديهم الإدراك بكونهم كذلك، ليس تباهيا، وإنما يقينا فى صحة ما يدعون إليه وما يعتنقونه من صدق وتحريض على معرفة الحقيقة. ولكن ثمة نوع آخر من الملهمين، وهم الذين لا يعرفون أنهم كذلك، لايتورطون مع أنفسهم، بقدر ما ينخرطون فى أعمالهم، ولا يفكرون بأثر ما يفعلونه على من حولهم سواء داخل محيط محدود فى توقيت حالى، أو خلال حيز آخر أكثر فضفاضية فى زمن قادم. ومن دفتر السينما أيضا سنتحدث عن شخصيتين سنيمائتين من ذلك الطراز الأخير، طراز المُلهمِين المُتسغرقين فيما يقومون به، والذين وإن حسبوا أنفسهم مجرد مُنقذين، فهم رغما عنهم سيظلوا شخصيا...
_نُشَر في الجزيرة الوثائقية_ في يوم ما من أيام السبت، جلس المنتج والمخرج "ستيفين سبيلبيرج" على مكتبه ليقرأ سيناريو بعنوان "American beauty"، وفي يوم الإثننين التالي من نفس الأسبوع، كان قد توصل لقرار حاسم بخصوص إنتاجه على الفور. السيناريو كان للكاتب "ألان بول"، وقد رشح "سبيلبيرج" بنفسه شابًا إنجليزيًا يدعى" صامويل ألكسندر سام ميندز" ليقوم بإخراجه، مانحًا إياه فرصة سخية ليثبت نفسه داخل سوق السينما الأمريكي. وبالفعل، لم يخذل "ميندز" مُنتِجه "سبيلبيرج"، وجعل من فيلم "American beauty" قطعة فنية مَشهود لها، ستظل دومًا مُوثَقَة في تاريخ السينما الأمريكية باستحواذها على خمس جوائز أوسكار دفعة واحدة، منها جائزة أفضل مخرج، وأفضل فيلم عام 1999 . لم يتواني "سام ميندز" بعدها عن العمل على عدة روائع أخرى، أهمها كان "road to perdition" 2002، "jarhead" 2005 ، "revolutionary road" 2008 ، وهي الأفلام التي سيكون لها النصيب الأكبر من حديث هذا المقال، حيث اخترت من بينها مجموعة من اللحظات...